ينبثق فنّ المقال من فنّ التعبير النثريّ الحديث، والذي تمكّن من الانضمام إلى الأدب العربي بفضل التفاعل مع الثقافة الغربيّة والانفتاح عليها، وارتبط ظهور هذا الفن الأدبيّ بظهور المجالات الإعلاميّة الصحفية والمجلية، كما ساهم كل منهما في تطوير الآخر ووضع قواعده الأساسية، وتمكنت المقالة العربية بشكلها الحديث من التطرق لمختلف المواضيع في المجال الأدبي والفكري والاجتماعي والسياسي والنقدي، امتازت المقالة بصغر حجمها، ووحدة موضوعها، وسلاسة أسلوبها، وتعدد أنواعها، واشتمال كل نوع منها على مجموعة من المعايير والخصائص الخاصّة بها، بالإضافة إلى اشتراكها مع بعضها البعض بعدد من الخصائص.
مراحل تطور فنّ المقالة مرحلة الضعفعرفت المقالة خلال هذه الفترة بضعفها الناتج عن إغراقها بالسجع والزخرفة اللفظية، وتركيز مواضيعها على الأوضاع الاجتماعيّة والسياسيّة، ومن أشهر كتاب المقالات خلال هذه الفترة رفاعة الطهطاوي وميخائيل عبد السيد.
مرحلة الإصلاحبدأ الأدباء خلال هذه المرحلة بالابتعاد عن المبالغة في السجع والزخرفة اللفظيّة، وقاموا بصياغة المقالات بأساليب سهلة ومفهومة من قبل جميع مستويات المجتمع الثقافية، كما تركزت مواضيعها على عكس اهتمامات المجامع بمختلف فئاته، وظهرت حركة الإصلاح هذه على يد جمال الدين الأفغانيّ، كما سانده فيها عدد من الأدباء مثل البشير الإبراهيميّ ومحمد عبده.
مرحلة التحررامتازت هذه المرحلة بتحرر المقالة من قيود الصنعة، واهتمامها بالمعنى مع محافظتها على سلامة المبنى، وساعد على ذلك ظهور المدرسة الصحفية الحديثة خلال فترة الاحتلال الأوروبي لبلدان الوطن العربي، وتأثّرها بالخلافات الحزبية، ومن أهمّ رواد هذه المرحلة الرافعي وطه حسين.
مرحلة استقامة المقالةقامت هذه المرحلة على يد عدد من أدباء المهجر الذين أحاطوا بكم وفير من الثقافة الغربية، ومن أهمّهم جبران خليل جبران والعقاد والزيات وغيرهم، واتخذت المقالة أسلوب التحرّر من كافة القيود والدقة في انتقاء المعاني والكلمات، واستخدام العبارات السلسة بحسب ما يقتضيه كل موضوع، وتمكّن هؤلاء الأدباء من الارتقاء بالصحافة العربيّة إلى مستوى جديد، واستطاعوا أن يتركوا بصماتهم في المجال الأدبيّ والفكريّ.
أسباب انتشار فنّ المقالةالمقالات المتعلقة بمراحل تطور فن المقال